التصدير
(1) خلفيّة البحث
فانّ القران هو البحر المحيطة فيها الأشياء النفيسة المتنوعة لا قيمة لها. و لا يخفى علينا أن حضارة المسلمين من عصرظهورها ونشأتها فى شبه جزيرة العرب تحت لواء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى الوقت الحاضر, قد اتجهت واعتمدت مباشرةً الى ما يسمّى " النّصّ الالهي" وهو القران الّذى قرّر فيه ربّنا المناهج الربّانية والمشارع الالهية. فهذه الحضارة الثائرة و الثقافة الدينامية تشكّلت و تطوّرت من هذا النص. ومن ثَم, فليس من الغريب والعجيب عندما يقول نصر حامد أبو زيد بأن حضارة الاسلام شبيهة الى حد بعيد ب " حضارة النص" ...!
فمادة القران ليس بشيئ شفاف كرؤيتنا الى ما وراء زجاج أو ما فى ماء صاف بلا كدورة, بل هناك أدوات خاصة لتشريح ما فيه من العجائب القرانية. فلذلك كان القران أعظمَ معجزةٍ كانت. ومن أوضح التقرير أنّ القران نفسَه فى مكانته " تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ "[1] لايزال يحاور ويتفاعل مع الواقع. ففى هذه المحاورة دلالة على شمولية القران واتصاليته على ممر العصور, اذن, كيف طرق مراعتها ؟ فمن أهمّ طريقها التزام المحاورة بينه و بين جميع الظواهر الواقعية مع الاهتمام بكشف معانيه الباحرة لنحصل جواهر أسراره المؤبدة.
قال الدكتور عبد الرحمن الدراز :ففى القران جانب كبير من المعاني النقلية البحتة التي لا مجال فيها للذكاء و الاستنباط. ولا سبيل الى علمها لمن غاب عنها الا بالدراسة و التلقي و التعلم.[2] على ما قاله الدكتور الدراز, فماذا نقول فيما أخبرنا القران من ظاهرة خلق السموات و الارض مثلا او من ظاهرة خلق الانسان و أنباء من قد سبق وما أشبه ذلك ؟ . أنقول "بتفسير الفراسة " لتفصيله ؟ اللّهم كلا ... !
هناك موضوعات اضطرّتنا الى الخوض فيها ظروفنا الحاضر. فنحن الآن نشرع فى دراسة بسيطة فى ايات خلق الانسان التي احتاجت الى ناحية زائدة جدبدة في تشريح عجائبها نحو الاعجاز العلمي. ونقتصر هنا على ثلاث ايات ( سورة ص :72-71, الطريق : 7- 5 , الزمر : 6 ) حول ظاهرة خلق الانسان.
(2) أهمية البحث
تتجلي أهمية هذا البحث في النقطتين الأتيتين :
الأوّل : أنّ للقران علاقة وثيقة بينه و بين علم التجارب وغيره. فهذه الدراسة البسيطة تحاول عن التمثيل كيف يحاور القران مع ظروفنا المعاصرة, لكى يتجلى معنى عبارة " صالح لكل زمان و مكان "
الثاني : من أبرز الأمور التي تدلّ على أهمية هذا البحث تصوير العلاقة بين ايات القران و التكاثر البشري (Reproduksi) خصوصًا عن ظاهرة خلق الانسان ؟
(3) أهم اشكالات البحث
لا شكّ أن موضوع البحث يحتوي على عدد من الاشكالات المهمّة. والهدف الأكبر لكل باحث هو التنقيب عن اباحات علمية دقيقة لهذه المشكلات.و فيما يلي عرض موجز لأهم اشكالات البحث. وآثرنا صياغتها على صورة أسئلة :
1) كيف تفسير ثلاث ايات مذكورة عند نظرية المفسرين قديما و حديثا ؟
2) كيف نفهم ثلاث ايات مذكورة بنظرية المعلمية المعاصرة ؟
طرح البحث
1) سورة ص : 72-71
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)
71. (ingatlah) ketika Tuhanmu berfirman kepada Malaikat: "Sesungguhnya
aku akan menciptakan manusia dari tanah".
72. Maka apabila telah Ku sempurnakan kejadiannya dan Kutiupkan kepadanya roh (ciptaan)Ku; Maka hendaklah kamu tersungkur dengan bersujud kepadaNya".
1.1.معنى المفردات
- بشر : عامة جميع الإنسان بالنظر إلى جسمه (جسماً مركباً من الأجزاء والأعضاء) الذى يحتاج إلى الأشياء الماديّة مؤمنا كان أو كافراً, بشرا كان أونبيّا . والبشرفى القرآن يقع على الأُنثى والذكر والواحد والاثنين والجمع.[3]
-الطِّينُ : الوَحَلُ واحدته طِينةٌ خلق الإنسان من طين لا يستلزم خلقه من كل الطين، وإنما يكفي أنه يخلق من أحد محتويات الطين أو من أحد مكوناته[4]
-نفخ : أَخرج الريح من الفم
.1.2 تفسير الأية
جامع البيان للطبرى :
فهاتان الأيتان شرحتا عن خلق أول إنسان مشى في هذه العالم وهو ادم عليه السلام ¸ فقال الطبري في تفسيرهما :
وقوله ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ ) من صلة قوله( إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) وتأويل الكلام: ما كان لي من علم بالملأ الأعلى (الملئكة) إذ يختصمون حين قال ربك يا محمد( لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ) يعني بذلك خلق آدم. وقوله( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) يقول تعالى ذكره: فإذا سويت خلقه، وعدلت صورته، ونفخت فيه من روحي، قيل: عني بذلك: ونفخت فيه من قُدرتي. * ذكر من قال ذلك: حُدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) قال: من قدرتي.( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) يقول: فاسجدوا له وخِرّوا له سُجَّدا.
تفسير مفاتيح الغيب للرازى :
المسألة الأولى : في قوله : { إِنّى خالق بَشَراً مّن طِينٍ } سؤالات :
الأول : أن هذا النظم إنما يصح لو أمكن خلق البشر لا من الطين ، كما إذا قيل أنا متخذ سواراً من ذهب ، فهذا إنما يستقيم لو أمكن اتخاذه من الفضة .
الثاني : ذكر ههنا أنه خلق البشر من طين ، وفي سائر الآيات ذكر أنه خلقه من سائر الأشياء كقوله تعالى في آدم إنه خلقه من تراب وكقوله : { مِن صلصال مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] وكقوله : { خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ } [ الأنبياء : 37 ] .
الثالث : أن هذه الآية تدل على أنه تعالى لما أخبر الملائكة بأنه خلق بشراً من طين . لم يقولوا شيئاً ، وفي الآية الأخرى وهي التي قال : { إِنّي جَاعِلٌ فِى الأرض خَلِيفَةً } [ البقرة : 30 ] بين أنهم أوردوا السؤال والجواب فبينهما تناقض ، والجواب عن الأول أن التقدير كأنه سبحانه وصف لهم أولاً أن البشر شخص جامع للقوة البهيمية والسبعية والشيطانية والملكية ، فلما قال : { إِنّى خالق بَشَراً مّن طِينٍ } فكأنه قال ذلك الشخص المستجمع لتلك الصفات ، إنما أخلقه من الطين ، والجواب عن الثاني أن المادة البعيدة هو التراب ، وأقرب منه الطين ، وأقرب منه الحمأ المسنون ، وأقرب منه الصلصال فثبت أنه لا منافاة بين الكل ، والجواب عن الثالث أنه في الآية المذكورة في سورة البقرة بين لهم أنه يخلق في الأرض خليفة ، وبالآية المذكورة ههنا بين أن ذلك الخليفة بشر مخلوق من الطين .
المسألة الثانية : قال { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } وهذا يدل على أن تخليق البشر لا يتم إلا بأمرين التسوية أولاً ، ثم نفخ الروح ثانياً ، وهذا حق لأن الإنسان مركب من جسد ونفس . أما الجسد فإنه إنما يتولد من المني ، والمني إنما يتولد من دم الطمث وهو إنما يتولد من الأخلاط الأربعة ، وهي إنما تتولد من الأركان الأربعة ، ولا بد في حصول هذه التسوية من رعاية مقدار مخصوص لكل واحد منها ، ومن رعاية كيفية امتزاجاتها وتركيباتها ، ومن رعاية المدة التي في مثلها حصل ذلك المزاج الذي لأجله يحصل الاستعداد لقبول النفس الناطقة .
وأما النفس فإليها الإشارة بقوله : { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } ولما أضاف الروح إلى نفسه دل على أنه جوهر شريف علوي قدسي ، وذهبت الحلولية إلى أن كلمة ( من ) تدل على التبعيض ، وهذا يوهم أن الروح جزء من أجزاء الله تعالى ، وهذا غاية الفساد ، لأن كل ما له جزء وكل ، فهو مركب وممكن الوجود لذاته ومحدث . وأما كيفية نفخ الروح ، فاعلم أن الأقرب أن جوهر النفس عبارة عن أجسام شفافة نورانية ، علوية العنصر ، قدسية الجوهر ، وهي تسري في البدن سريان الضوء في الهواء ، وسريان النار في الفحم ، فهذا القدر معلوم . أما كيفية ذلك النفخ فمما لا يعلمه إلا الله تعالى .
المسألة الثالثة : الفاء في قوله : { فَقَعُواْ لَهُ ساجدين } تدل على أنه كما تم نفخ الروح في الجسد توجه أمر الله عليهم بالسجود ، وأما أن المأمور بذلك السجود ملائكة الأرض ، أو دخل فيه ملائكة السموات مثل جبريل وميكائيل ، والروح الأعظم المذكور في قوله : { يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً } [ النبأ : 38 ] ففيه مباحث عميقة . وقال بعض الصوفية : الملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم ، هم القوى النباتية والحيوانية الحسية والحركية ، فإنها في بدن الإنسان خوادم النفس الناطقة ، وإبليس الذي لم يسجد هو القوة الوهمية التي هي المنازعة لجوهر العقل ، والكلام فيه طويل
2) سورةالطارق : 7-5
خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)
خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)
5. Maka hendaklah manusia memperhatikan dari Apakah Dia diciptakan?
6. Dia diciptakan dari air yang dipancarkan,
7. yang keluar dari antara tulang sulbi laki-laki dan tulang dada perempuan.
2.1.معنى المفردات
- دافق : دَفَقَ الماء صبه وبابه نصر فهو ماء دافِقٌ أي مدفوق كسر كاتم أي مكتوم و الانْدِفَاقُ الانصباب و التَّدَفُّقُ التصبب. [6]
- صلب : الصُّلْبُ و الصَّلِيبُ الشديد وبابه ضرُف و الصُّلْبُ عظم ذو فقار بالظهر
.2.2 تفسير الأية
تفسير ابن كثير :
{ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ } يعني: المني؛ يخرج دَفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله، عز وجل (2) ؛ ولهذا قال: { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } يعني: صلب الرجل وترائب المرأة، وهو صدرها. قال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } صلب الرجل وترائب المرأة، أصفر رقيق، لا يكون الولد إلا منهما. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وعكرمة، وقتادة والسُّدِّي، وغيرهم.
تفسير الوسيط للسيد طنطاوي :
وقوله : { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ }. أى : من ماء ذى دفق . . وكل من منى الرجل . ومنى المرأة ، اللذين يتخلق منهما الجنين ، ذو وفق فى الرحم . { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } أى : يخرج هذا الماء الدافق ، من بين صلب كل واحد منهما ، وترائب كل منهما . أى : أن أعضاء وقوى كل منهما ، تتعاون فى تكوين ما هو مبدأ لتوالد الإِنسان : ماء الرجل وهو المنى ، ومادة المرأة وهى البويضة المصحوبة بالسائل ، المنصبان بدفع وسيلان سريع إلى الرحم عند الاتصال الجنسى . ويسمى الفقهاء هذه المادة منيا وماء.
النظرية العلمية:
لقد تأكد التكاثر البشري بمجموعة تطورات مشتركة فيما ذوات الثدي. فتوجد البويضة التي انفصلت عن المبيض في نقطة انطلاقها فى الخرطوم في وسط عادة دورة الشهرية. واللقاح هو مني الرجل, وبدقة اكثر هو السبرماتوزييد (Spermatozoid), لأن خلية واحدة تكفى.ولكي يتحقق التلقيح اذن تكفي كمية ضئيلة جدا من هذا السائل المنوي الذي يحول السبرماتوزييد باعداد ضخمة جدا 10.000.000 فى الدفقة الواحدة. يطلق
اسم المني على مجموع سوائل المقذوفة من
جسد الرجل الى جسد المرأة لغرض
اخصاب البويضة. يتكون من النطف (الحوينات)
مني الرجل
الحوين
ان هذا السائل ينزف من الغدد و يظل محفوظا مؤقتا فى شبه خزانات و أقنية تفرغ نهائيافى المسالك البولية. وهكذا يتم تكون البويضة الملقحة فى نقطة معينة من جهاز المبيض الأنثوي. فتنزل عبر خراطيم فى الرحم , و تعشش فى سطحه, حيث لا تتأخر عن التعلق بدقة مندمخة فى سمكاته, وفى المخاط و فى العضل بعد تكون الغشاوة و بمساعدتها
البويضة
. [8] ترتيب التكاثر البشري :
1) اللقاح
2) طبيعة السائل اللقاح
3) حضانة البويضة الملقحة
4) تطور الجنين
3) سورةالزمر : 6
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)
6. Dia menciptakan kamu dari seorang diri Kemudian dia jadikan daripadanya isterinya dan dia menurunkan untuk kamu delapan ekor yang berpasangan dari binatang ternak. dia menjadikan kamu dalam perut ibumu kejadian demi kejadian dalam tiga kegelapan[1306]. yang (berbuat) demikian itu adalah Allah, Tuhan kamu, Tuhan yang mempunyai kerajaan. tidak ada Tuhan selain Dia; Maka bagaimana kamu dapat dipalingkan?
[1306] tiga kegelapan itu ialah kegelapan dalam perut, kegelapan dalam rahim, dan kegelapan dalam selaput yang menutup anak dalam rahim.
تفسير الاية
1. تفسير علماء الدين
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) نجد تفسيره في كتب التفاسير منها تفسير المراغي ان معنى هذه الاية : خلقكم على اختلاف ألسنتكم وألوانكم - من نفس واحدة وهى آدم ، ثم جعل من جنسها زوجها وهى حواء ، ثم ثنّى بخلق الحيوان فقال : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج وهى التي ذكرها في سورة الأنعام « ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ » أي ذكر وأنثى لكل منها.[9]
. العبارة بانزال ولا بجعل ولا بخلق لان يروى : أنه خلق الانعام في الجنة ، ثم أنزلها ، فيكون الإنزال حقيقة ، ويحتمل أن يكون مجازاً ، لأنها لم تعش إلا بالنبات ، والنبات إنما يعيش بالماء ، والماء منزل من السماء ، كانت الأنعام كأنها منزلة كما قال الزمخشري فى الكشاف و الشوكاني فى فتح القدير.[10]
محمد اسمعيل ابراهيم خلص في كتابه القران و اعجازه العلمي: ان الله خلق الناس من نفس واحدة هو ادم ابو البشر, و خلق من هذه النفس زوجه حواء و خلق لمصالحكم ثمانية انواع من الانعام ذكرا و انثى: وهي الابل والبقر و الضأن و المعز. و يخلقكم في بطون امهاتكم طورا بعد طور في ظلمات ثلاث هي ظلمة البطن و الرحم و المشيمة.[11]
ثم ذكر سبيل خلق ما ذكر من الأناسى والأنعام فقال :
(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) أي يبتدىء خلقكم أيها الناس فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق ، فيكون أحدكم أوّلا نطفة ، ثم يكون علقة ،ثم يكون مضغة ، ثم يكون لحما وعظما وعصبا ، وينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر ، فتبارك اللّه أحسن الخالقين.
(فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) أي في ظلمات أغشية ثلاثة جعلها المولى سبحانه وقاية للولد وحفظا له من الفساد ، وبعد أن ذكر هذه الأفعال العجيبة ذكر موجدها ومنشئها فقال :
(ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ) أي ذلكم العظيم الشأن الذي عددت أفعاله - هو اللّه مربيكم فيما ذكر من الأطوار وفيما بعدها ، المستحق لتخصيص العبادة به سبحانه (لَهُ الْمُلْكُ) على الإطلاق في الدنيا والآخرة.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي لا تنبغى العبادة إلا له وحده لا شريك له.
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ؟ ) أي فكيف تصرفون عن عبادته تعالى مع وفور موجباتها ودواعيها ، وانتفاء ما يصرف عنها - إلى عبادة غيره سبحانه من غير داع إليها مع كثرة ما يصرف عنها.
والخلاصة - كيف تعبدون معه سواه ؟ أين ذهبت عقولكم ؟ وكيف ضاعت أحلامكم ؟ .
و قال ابن المنظور في كتابه لسان العرب
الخلق في كلام العرب على وجهين أَحدهما الإِنْشاء على مثال أَبْدعَه والثاني التقدير وقال في قوله تعالى فتبارك الله أَحسنُ الخالقين معناه أَحسن المُقدِّرين وكذلك قوله تعالى وتَخْلقُون إِفْكاً أَي تُقدِّرون كذباً وقوله تعالى أَنِّي أَخْلُق لكم من الطين خَلْقه تقديره ولم يرد أَنه يُحدِث معدوماً ابن سىده خَلق الله الشيء يَخلُقه خلقاً أَحدثه بعد أَن لم يكن والخَلْقُ يكون المصدر ويكون المَخْلُوقَ وقوله عز وجل يخلُقكم في بطون أُمهاتكم خَلْقاً من بعد خَلق في ظُلمات ثلاث أَي يخلُقكم نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عِظاماً ثم يَكسُو العِظام لحماً ثم يُصوّر ويَنفُخ فيه الرُّوح فذلك معنى خَلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث في البَطن والرَّحِم والمَشِيمةِ وقد قيل في الأَصلاب والرحم والبطن.[12]
النظرة العلمية:
هذه الاية دلت الابحاث في علم الأجنة انه وقت تكوين الجنين فى ارحام الامهات. تنشأ البويضة في احد مبيضي المرأة حتى اذا اكتمل نضجها انطلقت منه فيتلقفها احد بوقي الفالوب وهو اسم العالم الذي اكتشف هذين البوقين ثم تمضى الى الرحم وتبدأ مراحل التطور,و فى الرحم يمضى الجنين بقية مدة الحمل حتى يكون لنفسه الاغلفة الثلاث التي تحيط به, عند النظرة العلمية الظلمات الثلاث المبيض وقناة فالوب و الرحم لانها في مواضع متفرقة. اما تفسيرها البطن والرحم والمشيمة فهي تعتبر ظلمة واحدة لانها فى مكان واحد.[13]
هذه الحقائق تدل اعجاز القرأن لان لم يكن العلم عرفها في تلك الوقت. فهل يكذبه اكثر الناس ؟
المصادر
محمد اسمعيل ابراهيم, خلص في كتابه القران و اعجازه العلمي .(دار الفكر العربي)
موريس بوكاي, التورة والانجيل والقران و العلم, ترجمة الشيخ حسن خالد, (بيروت: المكتب الاسلامي, 1990)
عبد الفتاح محمد طير(أستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة) ,الرسالة خلق الإنسان من طين في ضوء القرآن
د. عبد الرحمان دراز, النبأ العظيم, ( الدوحة : مكتبة الثقافة, 1980(
د. عبد الرحمان دراز, النبأ العظيم, ( الدوحة : مكتبة الثقافة, 1980(
مكتبة شاملة الاصدار الثاني
[8] . موريس بوكاي, التورة والانجيل والقران و العلم, ترجمة الشيخ حسن خالد, (بيروت: المكتب الاسلامي, 1990), ص. 236
0 comments
Posting Komentar